الجنيه الإسترليني يتراجع وسط ترقب بيانات أمريكية ومخاوف من آثار الحروب التجارية

شهد الجنيه الإسترليني تراجعًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي، حيث انخفض إلى مستوى يقارب 1.3355 خلال جلسة الأربعاء الأوروبية، وذلك بعد أن كان قد بلغ أعلى مستوياته في ثلاث سنوات عند 1.3445 في اليوم السابق. يأتي هذا التراجع في ظل ترقب المستثمرين لحزمة من البيانات الاقتصادية الأمريكية المرتقبة والتي قد تحدد مسار السياسة النقدية الأمريكية.
وتتجه الأنظار بشكل خاص نحو بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الأول، حيث تشير التوقعات إلى نمو محدود لا يتجاوز 0.4% على أساس سنوي، وهو انخفاض حاد مقارنة بالنمو السابق الذي بلغ 2.4%. هذا التباطؤ يُعزى في جزء كبير منه إلى تصاعد التوترات التجارية الناتجة عن الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضتها إدارة ترامب، والتي زادت من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
وقد ساهمت هذه السياسات الحمائية في دفع الشركات الأمريكية إلى التردد في تنفيذ خطط توسعية، بسبب التغييرات المتكررة في السياسة التجارية الصادرة عن البيت الأبيض. هذا الواقع يفرض ضغوطًا على الاقتصاد الأمريكي، ويضع الاحتياطي الفيدرالي في موقف دقيق.
في هذا السياق، يتابع المستثمرون أيضًا بيانات مؤشر تكلفة العمالة للربع الأول، وتقرير الوظائف للقطاع الخاص الصادر عن ADP لشهر أبريل، إلى جانب مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر مارس. وتشير التقديرات إلى ارتفاع مؤشر تكلفة العمالة بنسبة 0.9%، بينما يُتوقع أن يُضاف 108 آلاف وظيفة جديدة فقط في القطاع الخاص، انخفاضًا من 155 ألفًا في مارس.
أما بالنسبة للتضخم، فمن المتوقع أن يشهد مؤشر أسعار PCE الأساسي ارتفاعًا بنسبة 2.6% فقط، مقارنة بـ2.8% في الشهر السابق، مما يعزز التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه نحو خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب في يونيو، في ظل إشارات على ضعف النمو الاقتصادي وتراجع الضغوط التضخمية. وتشير أداة FedWatch إلى أن الأسواق تسعر بالفعل احتمال خفض الفائدة بنسبة 65%.
من جانب آخر، يستمر الجنيه الإسترليني في التراجع أمام أغلب العملات الرئيسية، وسط تزايد التوقعات بأن بنك إنجلترا قد يخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل. وأشارت عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، ميغان جرين، إلى أن السياسات التجارية الأمريكية قد تؤدي إلى ضغوط انكماشية على الاقتصاد البريطاني، لا سيما في ظل زيادة أعباء أصحاب العمل بعد رفع مساهماتهم في برامج التأمين الاجتماعي.
وكان محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، قد شدد الأسبوع الماضي على ضرورة أن يأخذ البنك المركزي مخاطر الحروب التجارية العالمية بجدية، مؤكدًا أن هذه التطورات قد تشكل تهديدًا للنمو الاقتصادي.
وبينما تخلو الأجندة الاقتصادية البريطانية من أحداث مهمة هذا الأسبوع، من المتوقع أن تكون المتغيرات العالمية هي العامل الأهم في تحديد اتجاه العملة البريطانية، خاصة في ظل استمرار التوترات التجارية بين واشنطن وبكين. وكانت الولايات المتحدة قد طالبت الصين بفتح حوار تجاري جديد، مشيرة إلى الاختلال الكبير في الميزان التجاري لصالح بكين، بينما أكدت الصين أنها ستدافع عن مصالحها بشدة.
التحليل الفني
انخفض الجنيه الإسترليني مجددًا إلى ما دون مستوى 1.3400 مقابل الدولار، بعد أن وصل إلى 1.3445، وهو أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات. وعلى الرغم من هذا التراجع، فإن الاتجاه العام لا يزال يميل نحو الصعود، إذ تظهر المتوسطات المتحركة الأسية إشارات إيجابية عبر الأطر الزمنية المختلفة.
كما أن مؤشر القوة النسبية (RSI) ارتد صعودًا مجددًا ليستقر حول مستوى 65، مما يشير إلى إمكانية استمرار الاتجاه الصاعد في الأجل القصير. وفي حال استمرار الارتفاع، فإن المستوى 1.3600 قد يشكل مقاومة قوية، بينما يُتوقع أن يوفر مستوى 1.3200 دعمًا قويًا في حال تراجع الزوج مجددًا.