الدولار الأمريكي تحت الضغط: اضطرابات آسيوية وتوترات تجارية تُضعف الثقة رغم دعم بيانات ISM
يتراجع الدولار الأمريكي وسط تقلبات جيوسياسية واقتصادية، أبرزها صعود الدولار التايواني المفاجئ والتوترات التجارية مع آسيا، في حين تحاول بيانات ISM القوية للخدمات إنقاذ الموقف ودعم أسواق الأسهم والثقة في العملة.

تعرض الدولار الأمريكي لتراجع جديد يوم الاثنين بعد عطلة نهاية أسبوع مشحونة بالأحداث الجيوسياسية، حيث شهد مؤشر الدولار انخفاضًا إلى مستويات قريبة من 99.62، متأثرًا بارتفاع مفاجئ في قيمة الدولار التايواني بأكثر من 5% في سوق ضعيف السيولة، وهو أكبر ارتفاع يومي للعملة منذ أكثر من 30 عامًا. هذه القفزة الاستثنائية، التي حدثت وسط عطلات رسمية في عدد من الأسواق الآسيوية مثل الصين والمملكة المتحدة، جاءت في أعقاب تكهنات بأن المصدرين التايوانيين يسارعون للتخلي عن حيازاتهم من الدولار الأمريكي، في محاولة للاستفادة من تعزيز محتمل للعملة المحلية.
هذا التحرك غير المعتاد زاد من تعقيد المفاوضات التجارية بين واشنطن وتايبيه، حيث أبدى بعض المحللين اعتقادهم بأن الحكومة التايوانية قد تسمح بارتفاع قيمة العملة كجزء من التنازلات التفاوضية مع الولايات المتحدة. وقد عقد البنك المركزي التايواني مؤتمرًا طارئًا للتعامل مع هذه الفوضى، إذ دعا محافظه يانغ تشين-لونغ إلى تجنب المضاربات غير المسؤولة التي قد تهدد استقرار السوق.
في الأثناء، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إمكانية توقيع اتفاقات تجارية جديدة خلال الأسبوع، مما ساهم في تهدئة المخاوف بعض الشيء. ومع ذلك، لا يزال الدولار الأمريكي يواجه ضغوطًا، وسط تشكيك المستثمرين في دوره كملاذ آمن في ظل تفاقم التوترات العالمية، بما في ذلك العملية العسكرية البرية التي أطلقتها إسرائيل في غزة، وخطط الاتحاد الأوروبي لوقف واردات الغاز الروسي بحلول 2027، بالإضافة إلى التصريحات المتباينة من المسؤولين اليابانيين حول استخدام سندات الخزانة الأمريكية كورقة ضغط في المفاوضات التجارية.
ورغم هذه التوترات، شكلت البيانات الاقتصادية المفاجئة من معهد إدارة التوريد (ISM) نقطة ضوء، حيث جاء مؤشر مديري المشتريات للخدمات عند 51.6، متجاوزًا التوقعات التي كانت تشير إلى 50.6. كما تحسن مؤشر الطلبات الجديدة والخدمات، في حين سجل مؤشر التوظيف صعودًا واضحًا إلى 49، ما ساعد الأسهم الأمريكية على تقليص خسائرها.
وبالتوازي، تشير أداة FedWatch التابعة لمجموعة CME إلى أن الأسواق لا تزال تستبعد تقريبًا أي احتمال لتغيير سعر الفائدة في اجتماع مايو، فيما تبلغ توقعات خفض الفائدة في يونيو 31.8%. أما عوائد السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات، فقد ارتفعت لتصل إلى نحو 4.35%، عاكسة تراجعًا سابقًا.
تحليلًا فنيًا، لا يزال مؤشر الدولار الأمريكي يتحرك ضمن نطاق ضيق تحت مستوى 100.00، متأثرًا سلبًا بالتحولات في العملات الآسيوية مثل الين الياباني، الذي سجل ارتفاعًا بنحو 1%. وتبقى المقاومة الفنية الأقرب عند 100.22، بينما يشكل مستوى 97.73 الدعم الأول في حال تصاعد الضغوط السلبية.