تداعيات استراتيجية التجارة الأمريكية: بين فشل الرسوم الجمركية وتحديات السندات

من الواضح للمراقب المتابع أن السياسة التجارية الأمريكية الحالية تواجه انتكاسات كبيرة. الرئيس الصيني، شي جين بينغ، يرفض التفاوض على "صفقة" تجارية، بينما تبين أن الرسوم الجمركية على السيارات لم تحقق الفوائد المرجوة لصناعة السيارات الأمريكية كما كان مأمولاً. بالإضافة إلى ذلك، لم تساهم الرسوم الجمركية على الواردات ضمن اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) في تعزيز الاقتصاد المحلي كما كان متوقعًا. بشكل عام، يبدو أن فرض الرسوم الجمركية، الذي كان مبنيًا على فرضية خاطئة مفادها أن الولايات المتحدة ستستطيع الحصول على تنازلات اقتصادية أو سياسية مقابل الوصول إلى الأسواق العالمية، يتعرض لانهيار تام.
في هذا السياق، يشير المحلل الاقتصادي أولريش لوشتمان إلى أن التوقعات بشأن الفوائد طويلة المدى من الرسوم الجمركية كانت مبالغًا فيها. بالإضافة إلى تأثيرها الضار على الاقتصاد الأمريكي، فإن سياسة فرض الرسوم تؤدي إلى إغلاق الأسواق الأجنبية أمام المنتجات الأمريكية، مما يضر بالتجارة والاقتصاد في الوقت نفسه.
من جانب آخر، فإن فكرة "اتفاق مَارَا-لاجو" (MALA)، التي كانت تهدف إلى إضعاف الدولار الأمريكي من خلال إجبار البنوك المركزية الأجنبية على تحويل احتياطياتها إلى سندات خزانة أمريكية بفائدة منخفضة أو دون فائدة، قد تضع مكانة سندات الخزانة كملاذ آمن في خطر. إذا تم فرض إعادة هيكلة قسرية على الدائنين الأمريكيين، فإن هذا سيؤدي إلى فقدان الثقة في سندات الخزانة ويقوض قدرتها على جذب الائتمان الدولي. وبالتالي، قد تواجه الولايات المتحدة أزمة مالية تشبه تلك التي شهدتها المملكة المتحدة تحت قيادة رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس، مع تزايد العوائد على السندات بشكل كبير.
إذا فشلت الولايات المتحدة في تعديل سياساتها المالية بشكل جاد، فقد تشهد تدهورًا مستمرًا في قيمة الدولار وتداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي.