البيتكوين تحت الضغط: توترات واشنطن وبكين وإغلاق الحكومة الأمريكية يكبحان الزخم الصعودي للعملة الرقمية
تراجع سعر البيتكوين إلى ما دون 112,500 دولار مع عودة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين واستمرار إغلاق الحكومة الأمريكية، ما أبقى المستثمرين في وضع حذر رغم مؤشرات فنية توحي بفرص تعافٍ قادمة.

تراجعت عملة البيتكوين (BTC) مجددًا يوم الأربعاء لتتداول دون مستوى 112,500 دولار، في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية العالمية التي حدّت من قدرتها على مواصلة التعافي الأخير. ويأتي هذا التراجع وسط خليط من العوامل الماكرو اقتصادية السلبية، أبرزها تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين واستمرار إغلاق الحكومة الأمريكية، ما دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الأصول عالية المخاطر.
التوترات التجارية تزيد من ضعف المعنويات
عاد التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم إلى الواجهة هذا الأسبوع بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي هدد بإنهاء التجارة مع الصين في بعض السلع ردًا على رفضها شراء فول الصويا الأمريكي. وردّت بكين بفرض رسوم إضافية على الموانئ التي تستقبل السفن الأمريكية وتشديد القيود على تصدير العناصر الأرضية النادرة، ما أدى إلى تراجع شهية المخاطرة في الأسواق ودفع البيتكوين إلى الانخفاض بنحو 2% يوم الثلاثاء.
كما ساهمت التوترات الجيوسياسية المستمرة بين روسيا وأوكرانيا في زيادة النفور من المخاطرة، خاصة بعد تقارير تشير إلى أن واشنطن تدرس إرسال صواريخ طويلة المدى إلى كييف، وهو ما يضيف مزيدًا من عدم اليقين إلى المشهد العالمي.
إغلاق الحكومة الأمريكية يعرقل الرؤية الاقتصادية
تفاقم تأثير إغلاق الحكومة الأمريكية المستمر منذ 1 أكتوبر، بعد فشل مشروع قانون التمويل المؤقت في المرور بمجلس الشيوخ، ما يزيد احتمالات استمرار الجمود السياسي لأسابيع أخرى. وقد أدى هذا الإغلاق إلى تأخير صدور بيانات اقتصادية مهمة وتأجيل الموافقات على صناديق الاستثمار المتداولة في العملات الرقمية (ETFs)، ما حرم السوق من محفزات كانت منتظرة لدعم الأسعار.
ورغم أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول لم يعلن عن قرارات جديدة بشأن أسعار الفائدة، فإن تصريحاته حول ضعف سوق العمل دعمت التوقعات بمزيد من خفض الفائدة خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي يبقي الدولار الأمريكي تحت الضغط.
إشارات فنية تشير إلى فرص تجميع محتملة
ورغم المزاج العام السلبي، يرى محللون في شركة K33 Research أن السوق قد تدخل مرحلة إعادة توازن صحية بعد موجة التصفية الحادة الأسبوع الماضي، والتي أزالت جزءًا كبيرًا من الرافعة المالية المفرطة في السوق. ووفقًا لتقريرهم، فإن انخفاض العقود الدائمة في بورصة بينانس إلى خصم قياسي بنسبة 5.1% مقارنة بالسوق الفوري يعد مؤشرًا على مرحلة تنظيف قد تسبق عودة الزخم الصعودي.
وأشار التقرير إلى أن التراجع الأخير ربما مهّد الأرضية لتعافٍ مستقبلي، خصوصًا مع تحسن ديناميكيات التمويل وعودة السيولة المؤسسية تدريجيًا، معتبرًا أن المستويات الحالية توفر فرصة مناسبة لـالتراكم التدريجي.
مؤشرات فنية تضع حدود الحركة المقبلة
من الناحية الفنية، تشير البيانات إلى أن البيتكوين وجد دعمًا قرب 112,300 دولار بعد اختبار مقاومة قوية حول 115,400 دولار، وهي منطقة تتطابق مع مستوى تصحيح فيبوناتشي 78.6% والمتوسط المتحرك الأسي لـ50 يومًا. أما في حال استمرار التصحيح، فقد يمتد الهبوط نحو مستوى 107,245 دولار، فيما يتوقع أن تعود الأسعار إلى المسار الصاعد إذا تمكنت من تجاوز المقاومة الحالية بثبات.
في الوقت الراهن، لا يزال مؤشر القوة النسبية (RSI) عند مستوى 42، مما يعكس ميلًا هبوطيًا، بينما يظهر مؤشر MACD تقاطعًا سلبيًا يؤكد استمرار الضغط قصير الأجل. ومع ذلك، يرى الخبراء أن هذه المرحلة قد تمثل فترة هدوء مؤقتة قبل بداية موجة تعافٍ جديدة إذا استقرت الأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية خلال الأسابيع المقبلة.