الذهب يلمع قرب 4300 دولار مع تصاعد الحرب التجارية وتزايد رهانات خفض الفائدة الأمريكية
قفزت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية جديدة قرب 4300 دولار مع تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين واستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، بينما تعزز توقعات خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن.

واصل الذهب صعوده التاريخي يوم الخميس، حيث تداول قرب مستوى 4290 دولارًا للأونصة، مدعومًا بتزايد المخاوف الجيوسياسية وتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي أثار حالة من القلق في الأسواق. وارتفعت أسعار الذهب بنحو 11% منذ بداية الشهر وبأكثر من 60% منذ مطلع العام، مع ازدياد الطلب على الأصول الآمنة وسط الاضطرابات الاقتصادية العالمية.
جاء الدعم الأكبر للمعدن النفيس بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع الواردات الصينية بدءًا من نوفمبر المقبل، ردًا على قرار بكين بتشديد قيود تصدير المعادن النادرة. وأكد ترامب أن بلاده تعيش "حربًا تجارية شاملة"، بينما أشار وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى أن هناك فرصة لعقد لقاء بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية، ما أعاد بعض الأمل في إمكانية تمديد الهدنة التجارية إذا تراجعت الصين عن إجراءاتها الأخيرة.
في الوقت ذاته، يواصل الإغلاق الحكومي الأمريكي إلقاء ظلاله على الاقتصاد بعد فشل مجلس الشيوخ مجددًا في تمرير مشروع قانون التمويل، مع تحذيرات من أن عدد الموظفين المسرّحين قد يتجاوز عشرة آلاف وأن الخسائر الاقتصادية الأسبوعية تصل إلى 15 مليار دولار. هذه التطورات، إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي وتراجع عوائد السندات، زادت من جاذبية الذهب كخيار آمن للمستثمرين.
من جانب آخر، عززت تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التوقعات بمزيد من التيسير النقدي، حيث قال المحافظ كريستوفر والر إن خفض أسعار الفائدة مجددًا هو "الإجراء الصحيح"، مشيرًا إلى أن المعدل المحايد أقل بنحو 100 إلى 125 نقطة أساس من المستوى الحالي. وتُظهر أداة CME FedWatch أن الأسواق تسعّر احتمالية تقارب 97% لخفض الفائدة في اجتماع أكتوبر، واحتمالية مماثلة لخفض آخر في ديسمبر، في ظل تركيز البنك المركزي على دعم سوق العمل رغم بقاء التضخم فوق الهدف.
أما على صعيد التوقعات المستقبلية، فقد تبنت المؤسسات المالية الكبرى نبرة أكثر تفاؤلاً تجاه الذهب. حيث رفع بنك أوف أمريكا توقعاته إلى 5000 دولار للأونصة بحلول عام 2026، بينما تتوقع جولدمان ساكس وصول الأسعار إلى 4900 دولار في نهاية نفس العام، في حين تشير تقديرات بنك ANZ إلى بلوغ 4400 دولار بنهاية 2025 مع احتمال ملامسة 4600 دولار بحلول منتصف 2026.
ورغم وصول مؤشر القوة النسبية إلى مستويات التشبع الشرائي، فإن الاتجاه الصعودي للذهب لا يزال قويًا مع استمرار الطلب الكثيف من المستثمرين الباحثين عن الأمان في ظل تصاعد المخاطر السياسية والاقتصادية حول العالم.