الذهب يواصل تحليقه قرب القمم التاريخية مدعومًا بمخاوف الأسواق وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية
واصل الذهب ارتفاعه القياسي مقتربًا من مستوى 4300 دولار، مدعومًا بتصاعد التوترات العالمية، وإغلاق الحكومة الأمريكية، وتزايد رهانات خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي، ما عزز جاذبيته كملاذ آمن رغم التشبع الشرائي.
يمدّد الذهب مكاسبه القياسية خلال تداولات الجمعة، متجهًا لإنهاء أسبوعه التاسع على التوالي في المنطقة الخضراء، وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية العالمية التي تدفع المستثمرين إلى الأصول الآمنة. ويتداول المعدن النفيس بالقرب من مستوى 4280 دولارًا للأوقية، بعد ارتدادٍ سريعٍ من تراجعٍ طفيفٍ في الجلسة الآسيوية.
يستفيد الذهب من استمرار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث هدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جديدة بنسبة 100% على الواردات الصينية ردًا على قيود بكين على صادرات المعادن النادرة. كما زادت المخاوف بعد تبادل البلدين فرض رسوم على السفن المرتبطة بأساطيل بعضهما البعض، ما أعاد إلى الأذهان سيناريو حربٍ تجاريةٍ شاملة قد تضرب النشاط الاقتصادي العالمي.
وفي الوقت نفسه، يضعف الدولار الأمريكي للأسبوع الرابع على التوالي تحت ضغط استمرار إغلاق الحكومة الفيدرالية في واشنطن، بعد فشل الكونغرس في تمرير قانون مؤقت لتمويلها للمرة العاشرة. وقد ساهم هذا الجمود السياسي في تعزيز الطلب على الذهب كملاذٍ آمن، خاصة مع توقعات الأسواق بأن يُقدم الاحتياطي الفيدرالي على خفض جديد للفائدة خلال اجتماعي أكتوبر وديسمبر المقبلين.
تبنّى مسؤولو الفيدرالي نبرة حذرة في تصريحاتهم الأخيرة؛ إذ أكد رئيس البنك جيروم باول تباطؤ وتيرة التوظيف، بينما أشار المحافظ كريستوفر والر إلى أن التضخم في مسارٍ نحو هدف البنك البالغ 2%، مما يترك المجال مفتوحًا لمزيد من التيسير النقدي. كما اعتبر نيل كاشكاري، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، أن سوق العمل يتباطأ بوتيرة ملحوظة، وهو ما يزيد من احتمالات الخفض المزدوج في أسعار الفائدة.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، ازدادت التوترات في أوروبا الشرقية بعدما شنّت روسيا هجمات جوية مكثفة على منشآت الطاقة في شرق أوكرانيا، في حين أعلن الرئيس الأمريكي ترامب نيّته لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بودابست لبحث إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهو ما أضاف مزيدًا من عدم اليقين إلى المشهد العالمي.
فنّيًا، لا تظهر مؤشرات على ضعف الزخم الصعودي، رغم بقاء مؤشر القوة النسبية (RSI) فوق مستوى 70 الذي يشير إلى حالة تشبع شرائي. وقد يواجه الذهب بعض التراجع التصحيحي إلى نطاق 4280–4279 دولارًا، مع احتمال وجود دعمٍ أقوى حول 4200 دولار. أما في حال استمرار الزخم الإيجابي وتجاوز مستوى 4380 دولارًا، فقد يفتح ذلك الباب أمام اختبار مستوى 4400 دولار للمرة الأولى في تاريخه.