الليرة التركية تحت الضغط: تدخلات مكثفة وقلق سياسي يرفع الدولار إلى قمة تاريخية
ارتفع الدولار الأميركي لمستوى تاريخي أمام الليرة التركية وسط تدخلات مكثفة للبنك المركزي ومخاوف متزايدة من عدم الاستقرار السياسي. ومع تراجع الثقة، يواصل المستثمرون الأجانب إعادة تقييم مخاطرهم في السوق التركي.

سجل الدولار الأميركي مستوى قياسيًا جديدًا مقابل الليرة التركية، متجاوزًا حاجز 38.71 ليرة يوم الجمعة، معززًا ارتفاعه بنسبة 1% خلال تعاملات اليوم، وسط استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية التي تعصف بالاقتصاد التركي. جاء هذا الارتفاع وسط مؤشرات فنية تُظهر تشبعًا شرائيًا، ما يشير إلى احتمال حدوث تصحيح قصير الأجل.
وفي خطوة نادرة، أقر محافظ البنك المركزي التركي فاتح قرة خان علنًا بتدخل البنك في سوق العملات، مبررًا بيع كميات ضخمة من الدولار بـ"منع تقلبات مفرطة". وأكد أن البنك تدخل بالفعل ويواصل التدخل عند ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية. وبلغ حجم تلك التدخلات نحو 50 مليار دولار خلال مارس وحده، تزامنًا مع التوترات السياسية التي أثارها اعتقال عمدة إسطنبول المعارض، أكرم إمام أوغلو، وهو ما فاقم التراجع في قيمة العملة.
وبالرغم من وعود الشفافية، يتهم معارضون البنك باتباع نظام سعر صرف مُدار يخالف مبدأ التعويم الحر. وواجه المحافظ هذه الاتهامات بالإشارة إلى نشر بيانات يومية مفصلة عن احتياطيات البنك، مؤكدًا أنه لا يرى مبررًا للانتقادات المتعلقة بانعدام الشفافية.
بالتوازي مع هذا، شدد البنك المركزي من قواعد شراء العملات الأجنبية، عبر فرض تكاليف إضافية على البنوك التي تحتفظ بأصول بعملات غير الليرة، في محاولة لإبطاء الطلب على الدولار ودعم العملة المحلية. وصرّح قرة خان أن تلك الإجراءات ستُستمر إلى جانب تعزيز احتياطيات البنك.
وعلى الرغم من تراجع نسبي في طلبات شراء الدولار منذ أبريل، إلا أن المخاوف السياسية، خاصة عقب اعتقال إمام أوغلو، ما زالت تؤثر في مزاج المستثمرين الأجانب. ووفقًا لغرانت ويبستر، مدير الاستثمارات في "ناينتي ون" بلندن، فإن الأحداث الأخيرة زادت من حالة عدم اليقين، مشيرًا إلى أن المستثمرين باتوا أكثر تحفظًا في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2028.