الذهب بين المطرقة والسندان: ضغوط الدولار تهدّد مكاسبه وسط ترقب جيوسياسي
يواجه الذهب ضغوطًا مزدوجة من استقرار الدولار الأمريكي وتهدئة مؤقتة للتوترات في الشرق الأوسط، مما يجعله عالقًا في نطاق تداول حذر. في ظل تصاعد المخاوف بشأن التضخم وتشدد السياسات النقدية، يواصل المستثمرون تقييم الاتجاهات القادمة بحذر شديد.

شهدت أسعار الذهب استقرارًا نسبيًا يوم الجمعة، حيث استقرت حول 3355 دولارًا للأونصة، مواصلةً تراجعها من ذروة الأسبوع التي لامست 3452 دولارًا. يأتي هذا التباطؤ في الحركة وسط حالة من الترقب في الأسواق، خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أكدت على عدم التسرع في اتخاذ قرار بشأن تدخل عسكري محتمل في الصراع بين إسرائيل وإيران، ما خفف مؤقتًا من حدة الإقبال على الملاذات الآمنة.
ورغم الخلفية الكلية التي لا تزال تميل لدعم الذهب بفعل استمرار الطلب من البنوك المركزية وتوترات جيوسياسية قائمة، إلا أن قوة الدولار الأمريكي وعوائد السندات الثابتة قلصت من جاذبية المعدن الأصفر في الأجل القريب. كما ساهم موقف البنوك المركزية الكبرى – الفيدرالي الأمريكي، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا – في ترسيخ توقعات ببقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، ما يضغط على الذهب كأصل لا يدر عوائد.
وتزداد المخاوف من أن تؤدي أي تطورات سلبية في مضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20% من تدفقات النفط والغاز العالمية، إلى إشعال أسعار الطاقة من جديد، مما قد يعيد إشعال موجة التضخم ويعقد مهمة البنوك المركزية في التيسير.
على الجانب الفني، يظهر الذهب إشارات ضعف بعد كسره لمستوى دعم فيبوناتشي عند 3371 دولار، مع اختبار المتوسط المتحرك لـ20 يومًا عند 3350 دولار. وفي حال استمرار الضغط، قد يتجه السعر نحو 3318 ثم 3292 دولار. بالمقابل، فإن أي عودة قوية فوق حاجز 3400 دولار قد تفتح المجال مجددًا لاختبار مستوى 3452 دولار، ومنه إلى الذروة التاريخية عند 3500 دولار.
أما مؤشر القوة النسبية (RSI)، الذي يتراجع باتجاه مستوى 50، فيشير إلى فتور الزخم الصعودي دون أن يدخل بعد في منطقة التشبع البيعي، مما يعكس حالة الحذر التي تسود أوساط المتداولين.
في المجمل، يبقى الذهب محاصرًا بين ضغوط السياسة النقدية القوية من جهة، واحتمالات تجدد التوترات الجيوسياسية من جهة أخرى، ما يجعل تحركاته المقبلة رهينة لأي إشارات جديدة من واشنطن أو البنوك المركزية الكبرى.