الذهب يسجل قمة تاريخية فوق 4440 دولار مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية وتزايد رهانات خفض الفائدة
قفزت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية مدعومة بتصاعد التوترات الجيوسياسية وتراجع الدولار، وسط تسعير الأسواق خفضًا أعمق لأسعار الفائدة الأمريكية خلال 2026.
واصلت أسعار الذهب تحقيق مكاسب قوية خلال تعاملات الاثنين، مسجلة ارتفاعًا تجاوز 2% لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق قرب 4442 دولارًا للأونصة، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد التوقعات باستمرار البنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل. ويتم تداول الذهب حاليًا قرب 4435 دولارًا بعد أن ارتد بقوة من أدنى مستوياته اليومية.
وجاء هذا الصعود مدفوعًا بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة، مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وعودة المخاوف الجيوسياسية في منطقة الكاريبي، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض ما وصفه بـ«حصار» على ناقلات النفط المرتبطة بفنزويلا. كما ساهمت التكهنات بشأن تحركات عسكرية محتملة والاحتكاكات بين إيران وإسرائيل في تعزيز جاذبية المعدن الأصفر.
في الوقت نفسه، تلقى الذهب دعمًا إضافيًا من تراجع الدولار الأمريكي، حيث انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من العملات الرئيسية بنحو 0.40%، ليستقر دون مستوى افتتاحه اليومي، وهو ما عزز القوة الشرائية لحائزي الذهب من العملات الأخرى.
وعلى صعيد السياسة النقدية، تواصل الأسواق تسعير مسار أكثر تيسيرًا من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مع توقعات بخفض إجمالي يصل إلى نحو 59 نقطة أساس خلال عام 2026، بحسب تقديرات الأسواق المالية. وقد ساهم هذا التوجه في الضغط على عوائد سندات الخزانة الأمريكية، ما دعم ارتفاع أسعار الذهب.
وفي ظل غياب بيانات اقتصادية أمريكية مؤثرة، تحول اهتمام المستثمرين إلى تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، حيث أكد المحافظ ستيفن ميران موقفه الداعم لمزيد من التخفيف النقدي، بينما أبدت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند بيث هاماك نبرة أكثر حذرًا، محذرة من أن بيانات التضخم الأخيرة قد تكون مشوهة، وأن تراجع ضغوط الأسعار قد لا يكون مستدامًا.
وأشارت هاماك إلى أن معدل الفائدة المحايد قد يكون أعلى من التقديرات الشائعة، ما يستدعي توخي الحذر قبل الإقدام على خفض إضافي للفائدة، في حين أقر ميران بوجود تشوهات في بيانات التضخم مرتبطة بإغلاق الحكومة، لكنه اعتبر أن الاتجاه العام لا يزال يسمح بتخفيف السياسة النقدية مستقبلًا.
وبالنظر إلى البيانات المقبلة، تترقب الأسواق أجندة اقتصادية أمريكية مزدحمة يوم الثلاثاء، تشمل متوسط التغير في التوظيف وفق تقرير ADP، والقراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، إلى جانب بيانات طلبيات السلع المعمرة والإنتاج الصناعي، وذلك في أسبوع تداول مختصر بسبب عطلة عيد الميلاد.
فنيا: يحافظ الذهب على اتجاه صاعد قوي، مع إشارات فنية تدعم استمرار الزخم الإيجابي، حيث دخل مؤشر القوة النسبية مناطق التشبع الشرائي، ما يعكس سيطرة واضحة للمشترين. وفي حال اختراق مستوى 4500 دولار، قد يستهدف السعر مستويات 4550 ثم 4600 دولار. أما في حال التصحيح الهبوطي، فإن كسر مستوى 4400 دولار قد يفتح المجال للعودة إلى 4380 دولار، ثم 4350 و4300 دولار.
