مصر تتحرك استباقيًا: تعزيز مخزون السلع لمواجهة تداعيات التصعيد في الشرق الأوسط
في خطوة استباقية، بدأت الحكومة المصرية بتعزيز مخزونها الاستراتيجي من السلع الأساسية تحسبًا لأي اضطرابات نتيجة التوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران. وتعمل القاهرة على تأمين احتياجاتها الغذائية والطاقية وسط مخاوف من ارتفاع الأسعار عالميًا.

كثّفت الحكومة المصرية جهودها لتوسيع احتياطياتها الاستراتيجية من السلع الحيوية، في إطار استعداداتها لأي اضطرابات محتملة قد تنجم عن التصعيد العسكري الأخير في المنطقة، بعدما استهدفت إسرائيل منشآت نووية وعسكرية في إيران فجر الجمعة. وأوضح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن الأجهزة الحكومية تتابع التطورات عن كثب، وتم بالفعل تنسيق أولي بين محافظ البنك المركزي ووزير المالية لدعم المخزون من مختلف السلع.
وذكرت بلومبرج أن هذه الخطوات تندرج ضمن خطة طويلة الأجل بدأ تنفيذها منذ منتصف 2024، وتهدف إلى رفع مدة تغطية المخزون الاستراتيجي إلى تسعة أشهر، مستفيدة من تراجع أسعار السلع عالميًا وتوافر النقد الأجنبي. وتشير البيانات الرسمية إلى زيادة ملحوظة في واردات القمح خلال النصف الأول من العام الحالي، بنسبة 28.3% مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 6.8 مليون طن.
وأكد وزير التموين أن المخزون الحالي من السلع الأساسية يكفي لفترات متفاوتة: أكثر من ستة أشهر من القمح، وسنة كاملة من السكر واللحوم، وأربعة أشهر من الزيوت النباتية، ما يعزز من قدرة الدولة على مواجهة الأزمات. وتُعد مصر من أكبر الدول المستوردة للقمح عالميًا، في ظل معدل اكتفاء ذاتي يبلغ نحو 20 مليون طن سنويًا.
أما على صعيد الطاقة، فتواجه البلاد تحديات إضافية بعد الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط بنسبة 13%، وسط توقعات بوصول البرميل إلى 120 دولارًا. وتأتي هذه التطورات في وقت لم تُجدد فيه الحكومة عقود التحوط ضد تقلبات أسعار النفط بعد انتهائها في مارس الماضي، وهو ما يعرض الموازنة لضغوط مالية أكبر، وفقًا لمصادر اقتصادية.
في المقابل، عملت مصر على توقيع اتفاقيات طويلة الأمد مع كبرى شركات الطاقة مثل أرامكو وشل وترافيجورا لتوريد ما يصل إلى 160 شحنة من الغاز المسال حتى نهاية 2026، بقيمة تتجاوز 8 مليارات دولار. وتهدف هذه الخطوة إلى ضمان استقرار إمدادات الكهرباء، خاصة خلال فترات الذروة، مع تراجع الإنتاج المحلي.
وبالنظر إلى الأوضاع المالية، فإن احتياطي النقد الأجنبي ارتفع في مايو 2025 إلى 48.526 مليار دولار، مما يتيح لمصر تغطية وارداتها لنحو ثمانية أشهر، وهو مستوى يفوق بكثير المتوسط العالمي، ويمنح صناع القرار مجالًا أوسع للتعامل مع تقلبات الأسواق الدولية.