الذهب يتراجع دون 3400 دولار رغم ضعف الدولار مع اقتراب صفقة أمريكية أوروبية تهز الأسواق
في مفارقة لافتة، تراجع الذهب رغم ضعف الدولار الأمريكي، مدفوعًا بالتفاؤل حول صفقة تجارية وشيكة بين واشنطن وبروكسل قد تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي.

تراجعت أسعار الذهب يوم الأربعاء لتكسر حاجز 3400 دولار، رغم التراجع الملحوظ في قيمة الدولار الأمريكي، في مشهد اقتصادي تعكسه الأنباء المتزايدة حول قرب توصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق تجاري كبير قد يغير من خريطة الرسوم الجمركية بين الجانبين. وبلغ سعر الأونصة 3387 دولارًا، مسجلًا انخفاضًا بأكثر من 1.2%، بعد أن كان قد لامس أعلى مستوى له منذ خمسة أسابيع عند 3438 دولارًا.
الضغوط التي واجهها الذهب جاءت في ظل تحسن شهية المخاطرة في الأسواق العالمية، حيث أفادت تقارير – أبرزها من صحيفة "فاينانشال تايمز" – بأن واشنطن وبروكسل تقتربان من توقيع اتفاقية تتضمن فرض رسوم جمركية بنسبة 15%، وهو ما أعاد للأذهان الاتفاق المماثل الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بين الولايات المتحدة واليابان. ووفقًا للتسريبات، فإن الاتفاق الجديد يشمل إلغاء الرسوم على منتجات محددة مثل الطائرات والمشروبات الروحية والأجهزة الطبية، ما يعكس بوادر هدنة تجارية محتملة بين أكبر اقتصادين غربيين.
لكن مستشار التجارة الأمريكي، بيتر نافارو، حذّر من الوثوق الكامل بهذه التسريبات، مشيرًا إلى أن واشنطن لا تجري مفاوضاتها عبر وسائل الإعلام. ورغم ذلك، فقد أحدثت تلك الأخبار أثرًا ملحوظًا في الأسواق، خصوصًا مع بقاء الدولار تحت الضغط، حيث تراجع مؤشر الدولار (DXY) بنسبة 0.21% ليسجل 97.18، في حين ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى 4.384%.
في خلفية هذه التطورات، أظهرت بيانات الإسكان الأمريكية لشهر يونيو أداءً دون التوقعات، حيث انخفضت مبيعات المنازل القائمة بنسبة 2.7% إلى 3.93 مليون وحدة، مما ساهم في تعزيز مشاعر الحذر لدى المستثمرين قبيل صدور بيانات جديدة حول مطالبات البطالة وطلبات السلع المعمرة خلال الأيام القادمة. ويُتوقع أن ترتفع طلبات إعانة البطالة الأولية إلى 227 ألفًا، بينما يُرجح أن تنخفض طلبات السلع المعمرة بنسبة 10.8% بعد ارتفاع قوي بنسبة 16.4% في مايو.
فنياً، تراجع الذهب بعد وصوله إلى قمّة قوية، لكنه استقر قرب منطقة دعم حول 3380 دولار، مع مؤشرات فنية تُظهر تباطؤًا في زخم المشترين. وإذا فشل السعر في اختراق مستوى 3400 دولار مجددًا، فقد يشهد موجة هبوط جديدة نحو مستويات 3350 دولار، وربما أقل حتى 3300 دولار، بينما ستبقى المقاومة التالية عند 3452 ثم 3500 دولار إذا عاد السعر للارتفاع.
وفي ضوء كل هذه المعطيات، يبقى الذهب في موقف معقد، حيث تتجاذبه عوامل التضخم، وتحركات الفيدرالي، وتقلبات الدولار، إلى جانب صفقات تجارية قد تعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي.