الذهب يرتد من قاع 3350 دولار بدعم من توقعات خفض الفائدة وتراجع الدولار
استعاد الذهب زخمه فوق 3350 دولارًا مع تنامي التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية، مما قلّص قوة الدولار وعوائد السندات وأعاد للمعدن بريقه.

عادت أسعار الذهب إلى الارتفاع يوم الثلاثاء بعد أن تلقت دعمًا تقنيًا قويًا بالقرب من مستوى 3350 دولارًا للأونصة، مما ساعدها على تعويض جزء من خسائر الجلسة الأوروبية. جاء هذا الارتداد وسط استمرار ضغوط الهبوط على عوائد سندات الخزانة الأمريكية والدولار، حيث عززت الأسواق رهاناتها على أن الاحتياطي الفيدرالي سيتخذ خطوة نحو خفض أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل.
بحلول منتصف التداول الأوروبي، سجل زوج الذهب/الدولار (XAU/USD) ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.25% ليتداول عند 3380 دولارًا، مدعومًا بالتراجع المستمر في شهية الدولار، رغم ارتفاع محدود في العوائد. وقد تزامن هذا مع تدخل المشترين عند المتوسط المتحرك البسيط لـ50 يومًا، وهو ما شكّل نقطة ارتكاز فنية للارتداد.
يأتي التحول في الاتجاه بعد أسبوع مضطرب لأسواق المال، حيث أثرت بيانات التوظيف الأمريكية المخيبة للآمال على معنويات المستثمرين. ومع انخفاض عدد الوظائف المضافة في يوليو وتعديل بيانات الأشهر السابقة بشكل سلبي، ارتفعت احتمالات خفض أسعار الفائدة إلى 92%، وفقًا لأداة FedWatch. وقد انعكس هذا التفاؤل على أسواق الأسهم العالمية، حيث شهدت مؤشرات مثل داو جونز وناسداك ونيكاي وستوكس الأوروبية ارتفاعات جماعية، فيما حقق مؤشر فوتسي 100 مكاسب قرب قمته التاريخية.
في الوقت ذاته، أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات الأمريكي تفاوتًا في أداء قطاع الخدمات، إذ سجلت قراءات ستاندرد آند بورز نتائج تفوق التوقعات، بينما خيبت بيانات ISM الآمال بتراجع في الطلبات الجديدة والتوظيف، مما دعم التوجه التيسيري للبنك المركزي الأمريكي.
أما على الصعيد الفني، فتشير مؤشرات الزخم مثل RSI وMACD إلى حالة من الحياد، مما يعكس غياب اتجاه واضح، وإن كان التمسك بالدعم فوق 3350 دولارًا قد يمنح المشترين فرصة للعودة نحو مستويات 3450 دولارًا إذا اخترقت الأسعار حاجز 3380 دولارًا بقوة.
وعلى الرغم من أن الذهب يواجه بعض الرياح المعاكسة نتيجة تحسن طفيف في العوائد وتزايد شهية المخاطرة، فإن الطلب الاستثماري القوي على المعدن الأصفر يواصل تقديم الدعم. فقد سجل إجمالي الطلب العالمي على الذهب خلال النصف الأول من 2025 أعلى مستوياته منذ أكثر من عقد، مدفوعًا بتدفقات قوية إلى صناديق الاستثمار المتداولة وزيادة في الطلب التجزئي، رغم انخفاض مبيعات المجوهرات.
كما تستمر البنوك المركزية في دعم السوق من خلال مشتريات قوية، بينما يبقى الذهب أحد الأصول الآمنة في ظل استمرار المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي، وتزايد التوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين المرتبط بالتعريفات التجارية الجديدة التي أعلنتها الولايات المتحدة على واردات من عدة دول.
وتظل تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي تحت المراقبة الدقيقة من قبل الأسواق. ففي الوقت الذي اعترفت فيه رئيسة فرع سان فرانسيسكو ماري دالي بوجود ضعف في سوق العمل، إلا أنها دعت إلى التروي في اتخاذ قرار خفض الفائدة، مشيرة إلى أن بعض المؤشرات لا تزال تعكس قوة نسبية. ومع ذلك، تستمر الأسواق في المراهنة على خفض قادم، وهو ما يبقي الذهب محصنًا نسبيًا أمام الضغوط قصيرة المدى.
في المجمل، يواصل الذهب الحفاظ على مكاسبه فوق مستوى دعم رئيسي، مدفوعًا بتراجع العوائد، ضعف الدولار، وتوقعات سياسية تميل نحو التيسير النقدي، مما يمنح المعدن الثمين فرصة للانطلاق مجددًا نحو مستويات أعلى خلال الأسابيع المقبلة.