الذهب يحطم رقماً قياسياً جديداً متجاوزاً 4100 دولار مع تصاعد التوترات التجارية الأمريكية-الصينية وتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة
قفز الذهب فوق 4100 دولار للمرة الأولى في تاريخه مدفوعاً بمخاوف الحرب التجارية وتزايد الإغلاق الحكومي الأمريكي، ما عزز تدفقات المستثمرين نحو الملاذات الآمنة وسط تراجع العوائد وتنامي القلق العالمي.

واصلت أسعار الذهب تسجيل أرقام قياسية جديدة يوم الاثنين، حيث تجاوز المعدن الثمين 4100 دولار للأونصة لأول مرة على الإطلاق، مدفوعاً بتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين واستمرار الطلب القوي على الملاذات الآمنة. وفي لحظة إعداد التقرير، استقر زوج الذهب/الدولار (XAU/USD) حول مستوى 4094 دولاراً مرتفعاً بنسبة تقارب 1.8% خلال اليوم، ليواصل مكاسبه للأسبوع التاسع على التوالي في أطول موجة صعود منذ سنوات.
جاء هذا الارتفاع بعد أن هزت الأسواق تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أواخر الأسبوع الماضي حول عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الواردات الصينية اعتباراً من نوفمبر، ردًّا على تشديد بكين قيود تصدير المعادن النادرة الحيوية للصناعات الغربية. ورغم أن لهجة ترامب أصبحت أكثر اعتدالاً خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن الأجواء في الأسواق ظلت حذرة وسط مخاوف من تجدد الحرب التجارية الكبرى بين أكبر اقتصادين في العالم.
من جانبه، قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إن ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ ما زالا يخططان للقاء هذا الشهر خلال منتدى آسيان، مؤكداً أن واشنطن منفتحة على الحوار رغم وصفه الخطوات الصينية الأخيرة بـ"الاستفزازية". أما بكين فحذرت من أنها سترد "بإجراءات حاسمة" إذا استمرت الولايات المتحدة في نهجها الحالي، ما أبقى حالة التوتر قائمة رغم الحديث عن قنوات اتصال نشطة.
وفي الداخل الأمريكي، يواصل الإغلاق الحكومي الضغط على الاقتصاد بعد دخوله أسبوعه الثالث، مع غياب أي اتفاق في الكونغرس لتمرير قانون تمويل مؤقت يعيد عمل الوكالات الفيدرالية. وبدأت تسريحات الموظفين بالفعل بينما تأجلت جلسات التصويت في مجلس الشيوخ بسبب عطلة يوم كولومبوس، مما زاد من قلق المستثمرين حول الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد.
أسواق السندات واصلت بدورها الإشارة إلى تنامي الإقبال على الأصول الآمنة، إذ تراجعت عوائد السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى نحو 4.05%، وهي أدنى مستوياتها في أربعة أسابيع. كما استقر مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) حول مستوى 99.00 بعد تقلبات حادة الأسبوع الماضي، في حين يترقب المستثمرون تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول المقررة يوم الثلاثاء قبل دخول البنك في فترة الصمت استعداداً لاجتماع أواخر الشهر.
من الناحية الفنية، أكد الذهب اختراقه القوي لمستوى 4059 دولاراً الذي كان يمثل القمة التاريخية السابقة، ما يعزز الاتجاه الصاعد على المدى القصير. وتتحول المقاومة السابقة إلى دعم قوي بالقرب من 4060 دولار، تليها مناطق دعم إضافية حول 4020 و3950 دولاراً. ويظل المسار الأقرب هو مواصلة الصعود نحو الأهداف التالية عند 4120 إلى 4150 دولاراً، بينما أي تراجع دون 3950 دولار قد يشير إلى بداية تصحيح محدود بعد موجة الارتفاع المتواصلة.
بهذا الأداء القوي، يواصل الذهب ترسيخ مكانته كأبرز المستفيدين من الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية، حيث يفضّل المستثمرون التحوط بالمعدن الأصفر في مواجهة عالم يتسم بتزايد التوترات وعدم اليقين.