الدولار الأمريكي يتراجع رغم البيانات القوية وسط تصاعد التوترات التجارية وترقب ثقة المستهلكين
تراجع الدولار الأمريكي يوم الجمعة على الرغم من قوة البيانات الاقتصادية ومؤشرات سوق العمل، حيث ضغطت التوترات التجارية وتصريحات متباينة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي على العملة. تترقب الأسواق صدور بيانات ثقة المستهلك من جامعة ميتشغان لتحديد الاتجاه القادم للدولار.

شهد الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا خلال تداولات الجمعة، متخليًا عن مكاسبه الأخيرة رغم صدور بيانات اقتصادية إيجابية تعزز صورة الاقتصاد الأمريكي القوي. فقد تراجع مؤشر الدولار (DXY)، الذي يقيس أداء العملة أمام سلة من العملات الرئيسية، بنسبة 0.36% ليتداول قرب 98.30، بعد أن اقترب من مستوى 99.00 يوم الخميس، وهو أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع.
البيانات الأمريكية لهذا الأسبوع دعمت صورة تعافي اقتصادي متين، مع تسجيل نمو قوي في مبيعات التجزئة وتراجع غير متوقع في طلبات إعانة البطالة، بالإضافة إلى أداء فاق التوقعات لمؤشر فيلادلفيا الصناعي، الذي قفز إلى 15.9 نقطة في يوليو. كذلك أظهرت بيانات التضخم (CPI وPPI) استمرار الضغوط السعرية، مما عزز التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي لن يتسرع في خفض أسعار الفائدة.
مع ذلك، تراجعت عائدات السندات الأمريكية، حيث هبط العائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى 4.44%، بعد أن بلغ 4.50% في وقت سابق من الأسبوع، مما ساهم في الضغط على الدولار. وتفاقمت الأوضاع بفعل قرارات وزارة التجارة الأمريكية بفرض رسوم مكافحة إغراق جديدة بنسبة 93.5% على واردات الجرافيت من الصين، لترتفع إجمالي الرسوم إلى نحو 160%، مما يشير إلى تصعيد إضافي في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.
وفي سياق سياسي مؤثر، أثارت شائعات حول نية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مخاوف السوق بشأن التدخل السياسي في السياسة النقدية، رغم تراجعه عن التصريحات لاحقًا. ويواصل ترامب ضغوطه على الفيدرالي للمطالبة بخفض أسعار الفائدة، معربًا عن قلقه من تأثير التكاليف المرتفعة على الاقتصاد.
من جانبه، دعا محافظ الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر إلى خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع يوليو، معتبرًا أن التضخم الناتج عن الرسوم الجمركية مؤقت ولا يستدعي سياسة نقدية متشددة، في حين حذر رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز من تأثيرات تضخمية ممتدة حتى عام 2026.
أما على صعيد التحليل الفني، فقد فشل مؤشر الدولار في تجاوز المتوسط المتحرك الأسي لـ50 يومًا عند مستوى 98.74، رغم اختراقه نمط "الوتد الهابط"، ما يشير إلى احتمال دخول المؤشر في مرحلة تماسك أو تراجع قبل أي تحرك صاعد جديد. وتظهر مؤشرات الزخم مثل RSI وMACD تحيزًا صعوديًا محدودًا مع علامات على تباطؤ الزخم.
الأنظار تتجه الآن نحو تقرير ثقة المستهلك من جامعة ميتشيغان المنتظر في وقت لاحق من اليوم، والذي قد يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار الدولار خلال الأيام المقبلة، وسط بيئة مشحونة بالتوترات التجارية والمواقف المتضاربة داخل الفيدرالي.