الذهب يلمع من جديد: المعدن الثمين يواصل الصعود القياسي مدعومًا بتوترات واشنطن وبكين وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية

واصلت أسعار الذهب تسجيل مكاسب قوية خلال الجلسة الآسيوية ليوم الاثنين، حيث صعد المعدن الثمين إلى مستوى 4078 دولارًا للأونصة، محققًا رقمًا قياسيًا جديدًا وسط تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة. يأتي هذا الارتفاع في ظل حالة من القلق المتنامي حول الأوضاع الاقتصادية، مع استمرار إغلاق الحكومة الأمريكية وتصاعد التوترات الجيوسياسية على أكثر من جبهة.

التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين عادت لتتصدر المشهد بعد أن هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جديدة بنسبة 100% على الصادرات الصينية، إلى جانب فرض ضوابط على البرمجيات الحيوية اعتبارًا من نوفمبر المقبل. وردت بكين باتهام واشنطن بازدواجية المعايير ولوّحت بإجراءات مضادة، مما زاد من حدة المخاوف في الأسواق ودفع المستثمرين إلى الاتجاه نحو الذهب كملاذ آمن.

ورغم لهجة ترامب التصالحية لاحقًا، إذ صرّح عبر منصة "تروث سوشيال" بأن الولايات المتحدة لا ترغب في إيذاء الصين وأن البلدين يسعيان لتجنب الضرر الاقتصادي، إلا أن حالة الغموض حول اجتماع مرتقب بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ ما زالت تضغط على ثقة الأسواق، وتدفع الأسعار لمزيد من الارتفاع.

في الوقت نفسه، استمرار إغلاق الحكومة الأمريكية للأسبوع الثالث زاد من الضبابية الاقتصادية، حيث لا يزال الكونغرس عاجزًا عن التوصل إلى اتفاق تمويلي. وقد حمّل ترامب الديمقراطيين مسؤولية تسريح آلاف الموظفين الفيدراليين، ما فاقم حالة التوتر الداخلي.

أما على الصعيد الدولي، فقد حذر ترامب من إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى إذا لم تنهِ روسيا الحرب قريبًا، وهو ما دفع موسكو إلى التحذير من هذه الخطوة، مما أعاد إشعال المخاوف الجيوسياسية في الأسواق العالمية.

على الجانب النقدي، يتزايد اقتناع المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتجه نحو خفض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين هذا العام، إذ تشير أداة “CME FedWatch” إلى احتمالات تتجاوز 90% لخفض الفائدة في اجتماعي أكتوبر وديسمبر. هذه التوقعات تضغط على الدولار الأمريكي وتدعم جاذبية الذهب الذي لا يدر عائدًا.

من الناحية الفنية، ما زال الاتجاه الصعودي للذهب متماسكًا بعد ارتداده من دعم خط الاتجاه الصاعد الممتد لثلاثة أسابيع، فيما يرى المحللون أن أي تراجع طفيف دون منطقة 4020-4018 دولار قد يجذب مشتريات جديدة قرب الحاجز النفسي عند 4000 دولار. أما كسر دعم 3965 دولارًا فقد يشير إلى تصحيح محدود نحو 3900 دولار، دون أن يغيّر النظرة الإيجابية العامة للسوق.